انا فيهم وهم فى (محاضرة لقداسة البابا شنودة الثالث)

مقدمة

* فى الاسبوع الاخير للسيد الرب فى فترة تجسده وفى يوم خميس العهد فى صلاته الختامية الطويلة فى يوحنا 17 : 23 قال للأب عن التلاميذ " انا فيهم وأنت في ليكونوا مكملين الى واحد " هذه هى الحياة المسيحية الحقة انك تكون فى الرب والرب يكون فيك.


* وشرحها الرب ايضاً فى قوله انا الكرمة وانتم الاغصان, انت غصن فى الكرمة تسرى فيك عصارة الكرمة تأخذ من حياة الكرمة ومن نوعيتها ويصبح الغصن له ثمر الكرمة فيه الثمر الذى يأتى به الغصن هو عمل الكرمة فيه وليس عمله الخاص وكل غصن لا يثبت فى الكرمة يقطع ويرمى فى النار ولا تكون له حياة .


الثبات فى الله


* فأنت حياتك الحقيقية هى ثباتك فى الله لان الله هو الحق والحياة ان كنت فيه فأنت فى الحق والحياة وان لم تكن فيه لا تكون حيا ً.


* فابحث ما هى ايامك الحية فى عمرك الطويل الايام الثابتة التى كانت فى الحياة الالهية فهى تغذيك وتعمل فيك , الكتاب يقول "انا فيهم وانت فى َ " يسكن المسيح بالايمان فى قلوبكم فما مدى سكن الرب فيك ؟ هو يلتمس مكاناً يسند فيه رأسه فهل فيك هذا المكان ؟ وهل الرب ساكن فيك؟


* فسكن الله فيك عبارة عن حياة الشركة التى تعيشها مع الله ولها نتائجها الظاهرة فى الحياة كلها, افكارك مثلاً فالقديس بولس الرسول يقول " اما نحن فلنا فكر المسيح " لا فكر بشرى ولا فكر عالمى لكن لنا فكر المسيح .


* وينبغى وانت تراجع افكارك ترى هل كل فكر من افكارك هو فكر المسيح ولا فكر شيطانى أو فكر غريب لعل من اجمل ما كتبه بولس الرسول فى كلامه عن الشركة مع الله قوله " مع المسيح صلبت لكى احيا لا انا بل المسيح يحيا فيا " ونجد فى هذه العبارة ان التأمل فيها لايعبر عن اعماقها ابداً حيث ذاتى لا وجود منفرد لها.


* المسيح الذى أمات فيك جميع الحواس الجسدانية وامات فيك الانسان العتيق واصبح المسيح هو الذى يحيا فى حياتك كل من يراك يرى المسيح فيك وكل من يسمعك كأنه يسمع المسيح وكل من يعاشرك يقول هذا الانسان فيه روح الله "لكى احيا لا انا بل المسيح يحيا فيا ".


* ولكى يحيا فيك المسيح لابد انك انت تموت عن العالم وعن الاشياء التى فى العالم,ان مت معه تحيا
معه ولابد ان تصلب مع المسيح , ويصلب فيك الجسد مع الاهواء, ويصلب فيك كل طبع يتعارض مع الحياة الآلهية .


* يقول الكتاب فى غلاطية ( 3 : 27 ) يقول الرسول :" لانكم انتم جميعا الذين اعتمدتم للمسيح قد لبستم المسيح " وتعنى عبارة قد لبستم المسيح اى ان المسيح بهذا الوضع ليس شخصا غريبا عنا ليس شخصا منفصلا عن حياتنا لاننا قد لبسنا المسيح .


* المسيح بالنسبة لك ليس مجرد ان تقرأه فى الكتب او تعرفه من التاريخ فالمسيح بالنسبة لك هو حياتك كلها , ما اعمق قول الرسول" لىَ الحياة هى المسيح" اى حياتى كلها المسيح الذى فيا وان لم يكن المسيح ظاهر فى حياتى فانى فى موت لست حياً . وقال ايضا " به نوجد ونحيا ونتحرك " فانت توجد فى المسيح وتحيا به وتتحرك ايضا به .


* الحياة الروحية حياة جميلة حياة المسيح فينا , المسيح الذى سلمناه ذاتنا وكياننا وارادتنا لكى يتصرف فينا كما يشاء فتلك هى الروحيات , فهى ليس مجرد ممارسات او صفات او مجرد مجموعه من الفضائل بعيدة عن الرب .


ارادة الله


* الحياة المسيحية هى عمل المسيح فيك ,وحياة المسيح فيك هواليوم الذى فتحت قلبك وسكن المسيح فيك واصبح يدبر هذا القلب حسب مشيئته الصالحه فعندما تقول للرب " لتكن مشيئتك "فانت تقصد بها لا مشيئتى بل مشيئتك فانا لا اريد ان اشاء شيئاً ولااريد ان ارغب اى رغبة انا اريدك انت وحدك ومشيئتك فيا هى التى تدبر حياتى ومشيئتى لا تعارض مشيئتك .


* وتبدأ الحياة ترتبك عندما تكون ارادتك تختلف مع ارادة الله ويصبح بينك وبين الله صراع ولا تستطيع ان تقول لتكن مشيئتك فانك بذلك انفصلت عن الرب قلبيا ً وفكريا ً واراديا ً فاذا كانت حياتك للمسيح تكون حياتك قدس اقداس للرب وتكون مشيئة الرب هى النافذة فى حياتك .

* ويقول الكتاب : " ان الكنيسة هى الجسد والمسيح هو الرأس " 1 كورنثوس 11 : 3 والرأس والجسد كيان واحد , فالمخ هو مركز الانسان كله فيه كل مراكز الانسان فيه مراكز للحوس وللحركة والتفكير ويدار الانسان كله من هذه الرأس فإذا كان المسيح هو الرأس بالنسبة لك فهو يدير كل شئ فيك.


* لذلك قال الرسول : " به نوجد ونحيا ونتحرك " والمسيح يقول فى علاقتنا به " من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فيا وأنا فيه ... من يأكلنى يحيا بى " فنحن نتغذى به " ذوقوا وانظروا ما اطيب الرب " وربنا هو الغذاء الحقيقى لنا الذى تتغذى به ارواحنا وتحيا .


ما مركز المسيح فى حياتك ؟؟؟



* المسيح يقول "اثبتوا فيا وانا فيكم ليكونوا مكملين الى واحد " فهل هذا الثبوت المتبادل موجود فى حياتك ، وليس مجرد سكنى ولا يوم معه و يوم آخر بعيد عنه او يوم تعرفه ويوم لا تعرفه ويوم تقبله ويوم لا تقبله .


* المسيح يريد ان نحيا فيه هذة الحياة تكون لنا نعه شركة كاملة ودائمة على الاقل كل عمل من أعمالنا يكون الله مشترك معنا فكل عمل تعمله لوحدك هو عمل باطل وكل عمل يشترك الله فيه فهو عمل مقدس .


* فالسيد المسيح يقول " لستم انتم المتكلمين بل روح ابيكم " وايضا ً "يعطيك فما ًوحكمة لا يستطيع جميع معانديكم ان يناقضوها او يقاوموها " فهل ربنا هو الذى يضع الكلمة فى فمك وانت تلفظ بها وهل تطلب من الله ان يعطيك الكلمة لكى تقولها أم تتكلم كلام بشرى أوانت تقول للرب " أفتح يارب شفتى فينطق فمى بتسبحتك " .


علاقتك مع الله


* ما علاقة ربنا بك مجرد صوم وصلاة ؟ ام الصلاة والصوم تعبير عن سكن الله فيك ، ما وجود الله فى حياتك الخاصة ؟ ما مدى الشركة المقدسة ؟ هل تحمل صليبة وصلبت معة ؟ هل تتكلم معه ويتكلم معك ؟ هل علاقتك به علاقة حب " حبيبى لى وانا له " ؟ هل المسيح بالنسبة لك يغذى عقلك ومعه لا تحتاج شئ على الأرض ؟ هل تقول " شماله تحت رأسى ويمينه تعانقنى " ؟ هل اسمه حلو فى فمك ؟ هل علاقتك بربنا علاقة داخلية أم خارجية ؟ هل علاقتك بربنا علاقة قيادة أم شهادة ؟ .


*لكى تكون لك علاقة مع المسيح فلابد ان تكون تعرفه المعرفة الحقيقية ويكون ربنا كشف لك ذاته ورأيته وصادقته وأشبعك وعشت له وعشت فيه فعلاقتك مع المسيح تبدأ ولا تنتهى تبدأ على الارض وتستمر فى الابدية لانه يقول " انا ماض ِ لأعد لكم مكانا ً وان اعددت لكم مكانا ً أتى أيضا ً وأخذكم الى حتى حيث أكون انا تكونون أنتم أيضا "ً .


* وقال ايضا ً " أيها الأب اريد ايضا ً ان هؤلاء الذين اعطيتنى يكونوا معى حتى حيث اكون انا تكونون انتم ايضا ً " وقال ايضا ً انه سوف يأتى فى اليوم الأخير على السحاب مكع الملائكة فى ربوات قديسيه فيرسل ملائكته ويجميع مختارية من أقاصى المسكونه ويأخذهم معه فى السحاب .


* ويقول الرسول " نكون مع الرب فى كل حين " وايضا ً " سنراة وجها ً لوجة " .


* الانسان يفتح قلبه لكى يدخله الرب والله واقف على هذا القلب ويقول " انا واقف على الباب وأقرع من يفتح لى أدخل وأتعشى معه وهو معى " وحياتك مع الرب هى حياة حب متبادل وعمل متبادل و شركة متبادلة .


* كما يقول بولس الرسول" نحن عاملان مع الله " فما مدى كلمة " نحن عاملان مع الله " فى حياتك ؟ ، هل عملك هو عمل الله فيك ؟ هل تقول له من ذاتى لم أعمل شيئا ً وانت الذى تعمل العمل كله ؟


* ياليت الانسان يبدأ فى تكوين علاقة عميقة مع ربنا لا يكون الله على هامش حياتك بل فى حياتك كلها ، كل يوم تحياة بدون الله لا تحسبه من عمرك ، الله بالنسبة لك كما يقول الكتاب " هو الالف والياء " .


* لا يكون الله جزء من القلب وانما له القلب والفكر كله والحواس كلها وله الحياة " ان عشنا للرب نعيش وان متنا للرب نموت ان عشنا او متنا فالرب نحن " هذة هى الحياة المسيحية .


* ربنا ليس مجرد اله فى السماء نتوجه اليه حينما نرفع انظارنا الى فوق انما الله هوالاله الساكن فيك لان اذا كان ربنا فى السماء وليس موجود فيك لا تستفيد شيئا ً فكيف يتحول قلبك الى سماء يسكنها الله .


* فترة الصوم هى الفترة التى تفتح فيها القلبك لسكن الله ، فترة لتعلو فيها عن المادة والجسد وتطلبات الجسد من غذاء ومن شهوات وتعطى الله مكانه الاصيل فى حياتك واذا عاش ربنا فيك حينئذ تكون بالحق صورة لله ومثالة وتكون على شبه الله وكل من يراك يقول هذا الانسان ابن لله ولهذا قال 1يوحنا 3 : 10 " أولاد الله ظاهرون وأولاد الشيطان ظاهرون " .