الباب الضيق (محاضرة لقداسة البابا شنودة الثالث)

+ سنتأمل فى آية فى أواخر العظة على الجبل ( ادخلوا من الباب الضيق ، لأنه واسع الباب وَرحب الطريق الذى يؤدى إلى الهلاك ، وكثيرون هم الذين يدخلون منه ! ما أضيق الباب وأكرَبَ الطريق الذى يؤدى إلى الحياة ، وقليلون هم الذين يجدونه ! ) .


+ الباب الضيق هو ضيق فى بدايته وليس دائماً ، تبدأ طريق الله تجد الباب ضيق أمامك ولكن بعد ذلك تدرس وصايا الله تجد أنك تسير بسهوله فى طريق الله .


+ بعض الأشخاص تَدخل من الباب الضيق لكى يثبتوا محبتهم لله وأنهم مستعدون أن يتعبوا ويبذلوا جهدهم من أجله ،وبعض الأشخاص تسير بصورة خاطئة وينجحوا فى حياتهم أو يُخيل إليهم أنهم قد نجحوا فى حياتهم .


+ فى سفر آرميا النبى يعاتب الله ( لماذا تنجَحُ طريق الأشرار إطمأن كل الغادرين غدراً ) ( 12 : 1) . الأشرار طريقهم سهل والباب واسع أمامهم وإن دخل أحد شرير مع أحد بار يمكن أن الشرير هو الذى يكسب أرضياً .


+ الشرير يستطيع أن يكذب والبار لايستطيع أن يكذب ، والشرير يستطيع أن يتحايل ويغش أما البار لايستطيع ذلك ، الشرير يلجأ إلى حيل كثيرة جدا تستطيع أن تجعله يصل إلى طريقه ، أما البار لايستطيع أن يلجأ إلى هذه الحيل.


+ لذلك الله قال ( ضيق الباب الذى يصل بك إلى طريق الملكوت ) ، لايوجد فيه الإمكانيات المتاحة لدى أهل العالم كل شىء متاح ويسير لديهم حتى الخطأ سهل لديهم .


+ توجد أمثلة كثيرة تصل إلى الباب الضيق ، من أكبر الأمثلة الإستشهاد والدفاع عن الإيمان ، الأشخاص الذين تعرضوا فى أيام الوثنية وأيام نيرون ودقلديانوس تعرضوا للموت وتعرضوا للعذاب وللسجن والإضطهاد ولكنهم قبلوا كل هذا ودخلوا من الباب الضيق الذى يصل إلى الملكوت .


+ لذلك نحن نضع هؤلاء الشهداء فى الدرجة الأولى من القديسين أى قبل الآباء الرعاة والآباء الرهبان عكس ذلك من الباب الواسع بطرس الرسول عندما سقط فى ضيقة وقالوا له أنت كنت منهم رد عليهم إنى لا أعرف هذا الرجل وإبتدأ يسب ويلعن أنه لايعرفه .


+ الباب الواسع أنقذه لكنه لم يستطع أن يتخلص من تعب ضميره وخرج خارجاً وبكى بكاءاً مراً .


+ من الباب الضيق حياة الزهد والنسك والآباء الذين عاشوا فى البرية جربوا هذا الباب الضيق عاشوا بعيداً عن كل متعة أرضية حتى فى الطعام والشراب حتى فى الراحة الجسدية لكن هذا الباب الضيق وصلهم إلى الملكوت .


+ من الباب الضيق أيضاً التعب من أجل الخدمة ، يستطيع الكاهن أن يستريح ، لكن الراحة لاتجعله يصل إلى الملكوت حتى الأساقفة ، أمامنا طريقان لاثالث لهما إما أن تتعب وتستريح الناس أم تستريح وتتعب الناس.


+ التعب هى الطريقة التى توصل للملكوت ، بولس الرسول يقول ( كل واحد سيأخُذ أجرته بحَسَب تعبه ) ( 1كو 3: 8 ) ،التعب نوع من السير فى الباب الضيق .


+ الذى شرحه بولس الرسول وقال ( بضيقات كثيرة ينبغى أن نرث ملكوت الله) وشرح ضيقاته فى الخدمة ( فى سجون ، فى أصوام ، فى أتعاب ) كم مرة إنكسرت به السفينة وكم مره جُلد ، التعب فى الخدمة نوع من الباب الضيق .


+ التعب فى الخدمة ليس للكاهن والأسقف فقط بل أيضاً بل بالنسبة للخدام أيضاً كيف يجتهدوا فى الخدمة وكيف يجتهدوا فى البحث عن النفس وفى إنقاذ الآخرين تقول الدسقولية عن الأسقف ( فليهتم الأسقف بكل أحد ليخلصه ) .


+ من ضمن الباب الضيق أيضاً الطاعة وخصوصاً الطاعة فى الأمور الصعبة كطاعة أبينا إبراهيم فى تقديم إسحق محرقة ( خُذ إبنك وحيدك الذى تُحبه ، إسحق، وإذهب إلى أرض المُريا وأصعدهُ هناك مُحرقة على أحد الجبال الذى أقول لك ) ( تك22 : 2 ) . بعض الطاعة تشبه الإستشهاد .


+ طاعة إبراهيم لما قال له الله ( أذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التى أريك ) ( تك 12 : 1 ) . ، الطاعة هى الباب الضيق أن يُطيع فيما يخالف إرادته لكن إن أطعت أب إعترافك فيما يوافق إرادتك فقط فيعتبر أنك تتطاوع إرادتك وليس أب إعترافك .


+ من ضمن الباب الضيق موضوعات العفة التى ذُكرت فى الكتاب مثل يوسف الصديق عُرضت عليه الخطية وكانت سهلة لكنه من أجل العفة رفض وسار من الباب الضيق فكانت النتيجة أنهم حمولوه عاراً وتهمة باطلة وفقد وظيفته وألُقى فى السجن لكنه الله لم يتركه فى الباب الضيق دائماً وإنما أخرجه من السجن ليكون الوزير الأول فى مصر ونائب فرعون .


+ ومن ضمن الباب الضيق أيضاً الإعتراف بالخطأ وبالخطية أو أنه مقصر فى شىء معين .


+ أبونا آدم وأمنا حواء لم يعترفوا بالخطية ولم يدخلوا من الباب الضيق ، آدم إعتذر وبرر خطئه بأن المرأة هى التى أعطته والمرأة لم تعترف بالخطأ وإعتذرت بأن الحية هى التى أغرتها ولم يقبل الله منهما هذه الأعذار .


+ الأعذار والتبريرات عبارة عن الباب الواسع الذى يؤدى إلى الهلاك وبعض الروحانين قالوا طريق جهنم مفروش بالأعذار وبالتبريرات والكتاب يقول (أنت بلاعذر أيها الإنسان ) .


+ من ضمن مظاهر الباب الضيق أيضاً إنك تدفع حق الله فى أموالك (العشور والبكوروالنذور ) ( هاتوا العشور وجربونى إن كنت أفتح لكم قوة السماء وأفيض عليكم ) لكن كثيراً من الناس لايعطوا الله حقوقه فى أموالهم ويعتذروا بأعذار كثيرة .


+ تأخير النذر والتحايل على تنفيذه ، من ضمن الأشياء الخاصة بالباب الضيق والباب الواسع ( الكذب والصدق ) .


+ الكذب عبارة عن باب واسع مع أن ليس كل يكذب يمر ولكن بعض الأكاذيب تنكشف وتصبح عار وفضيحة لكنه باب واسع أن الإنسان يكذب وأيضاً الكذب أحياناً يكون له خطية مزدوجة أن يكذب ويبرر خطية بالكذب أو يلصق الخطية بغيره ، الكذب نوع من الباب الواسع الذى يؤدى إلى الهلاك ، حتى إذا كان جزئى.


+ تنفيذ الشهوات من الباب الواسع وضبط النفس عن الشهوات من الباب الضيق .


+ سليمان الحكيم سار فى الباب الواسع وقال (مهما إشتهيته عيناى لم أمنعه عنهما) وكل المتع فى الدنيا أو التى كانت على أيامه حاول أن يعيش فيها فقيل عنه فى أواخر أيامه أن قلبه لم يكن كاملاً أمام الله مثل قلب داود أبيه .


+ كما قلنا أن العفة من الباب الضيق ، فالمتع التى ضد العفة من الباب الواسع ، سقط فيها داود النبى وأخطىء وأخذ عقوبة شديدة من الله لأن الخطية كانت من الباب الواسع ومحاولة تغطية الخطية كانت من الباب الواسع أيضاً وقتل الخطية حتى لاتنكشف الخطية من الباب الواسع ، أما الإتضاع من الباب الضيق .


+ الإتضاع يعنى أن الشخص ينسى كرامته أو ينسى وظيفته أو ينسى كثيراً من حقوقه كما قال بولس الرسول ( كفقراء ونحن نُغنى كثيرين كأن لاشى لنا ونحن نملك كل شىء ) .


+ محبة المال من الباب الواسع وإنفاق المال فى الخير من الباب الضيق ( محبة المال أصل لكل الشرور) لأنها باب واسع كالرجل الغنى الذى قال( أهدم مخازنى وأبنى أعظم ، وأجمع هناك جميع غلاتى وخيراتى وأقول يانفس لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة ، إستريحى وكلى وإشربى وإفرحى ! باب واسع أدى إلى الهلاك وقيل له (ياغبى هذه الليلة تُطلب نفسك منك ) .


+ عُرض على الشاب الغنى الباب الضيق لما قال له السيد ( إذهب وبع كل مالك وأعط الفُقراء ، فيكون لك كنز فى السماء وتعال اتبعنى حاملاً الصليب ) ( مر 10: 21 ). فمضى حزيناً لأنه لم يستطع أن يدخل من هذا الباب الضيق إذ كانت له أموال كثيرة .


+ إبحث عن الباب الواسع فى حياتك لكى تُغلقه ، يُمكن أن يكون تنفيذ الشهوات من الباب الواسع ، ماهى الشهوة التى تغلبك يُعجبنى أحد الأدباء الروحيين حينما قال ( إفرحوا لا لشهوة نلتموها بل لشهوة أذللتموها ) .


+ الربح الحرام من الباب الواسع وكون أن الإنسان يرفض هذا الربح ويُضيق على نفسه لكن المال الحلال ولو قليل يكون مبارك عند الله .


+ الباب الضيق والباب الواسع فى الكلام والصمت ، باب واسع أن كل مايخطر فى فكرك تتكلم به من إدانة ، تتدخل فى أمور لاتعنيك ، ضياع الوقت فى الكلام.


+ الباب الضيق الذى قال عنه دواد النبى ( ضع يارب حافظاً لفمى وباباً حصيناً لشفتاى ) ، ( كثرة الكلام لاتخلو من معصيه ، أما ضابط شفتيه فحكيم ) .


+ من ضمن الباب الضيق الجهاد فى الحياة الروحية ، تُجاهد نفسك ، تُجاهد فى إكتساب الفضيلة ، تُجاهد فى النمو فى الحياة الروحية .


+ الإحتمال والمغفرة للآخرين ، والإحسان للمسئين إليك من ضمن الباب الضيق ، الإنتقام للنفس ، ورد الإهانة بإهانة من الباب الواسع ، النفاق والتملق لكسب رضا الآخرنوع من الباب الواسع .

+ بولس الرسول وبخ بطرس الرسول ( وبخته مواجهتاً لأنه كان ملوماً ) يسيرمن الباب الضيق لكن لايوافق على الرياء .


+ موضوع الباب الواسع والباب الضيق تدخل فى الزواج والطلاق ، الزينة الزائدة والتبرج جزء من الباب الواسع ، سرحان الفكر فى مايليق ومالايليق من الباب الواسع ، الباب الضيق أن الإنسان يُضبط فكره ، يضبط مشاعره .


+ الباب الواسع إنك تُفكر إنك تغلب الآخرين أما الباب الضيق فإنك تنتصر على نفسك لا أن تنتصر على غيرك .