الكنيسة الارثوذكسية كنيسة الصلاة

ا

ما أجمل أن تشتاق النفس لدخول كنعان ، فتحلق في أفاق السماء ، تتطلع إلى الطريق الذي تسلكه ، والوسائط التي تلجأ إليها حتى تقف على أعتاب أورشليم السمائية .

والصلاة هي أولى وسائط النعمة للدخول إلى كنعان بها يستطيع الإنسان أن يصل إلى ملء الروح .

مسكين ذلك الإنسان الذي يقضى حياته في جهاد مع الخطية ، يشتهى ويقاوم شهوته ويقع ويقوم ثم يقع ويقوم ....إلى غير استقرار دون أن ينظر ويذوق ( ما أطيب الرب ) .

هذا الإنسان الذي لم تدخل محبة الله إلى قلبه .. ولم يلتصق ويتلامس بالصلاة مع الرب .

هو إنسان متعثر وبناؤه الروحي على غير أساس لايحتمل أن يقاوم صدمات الريح وسيول الأمطار فلا يلبس ما يذبل ويموت .

والإنسان الذي نمت محبه الله فيه والذي يجعل الصلاة الأساس الذي يرتكز عليه كل عمله الروحي ، هو إنسان يحمله الله في حنو على جناحي نعمته طوال مده غربته على الأرض .

والصلاة لها فروع كثيرة : منها صلوات الساعات بما فيها من مزامير وقطع أناجيل وتحاليل .

ليست هذه الصلوات عمل خاص بالرهبان كما يخيل للبعض ، بل هي على الأصح طقس العلمانيين ، أما الرهبان فعملهم هو الصلاة الدائمة التي لا تنقطع والتي صلوات الساعات مجرد فرع منها .

لذلك هناك خطأ يجب أن نتداركه هو أن البعض يكتب عن صلاة الستار أنها خاصة بالرهبان فقط ولكن كتاب الدسقولية فرضها أيضاً على الأساقفة والكهنة لأن الرهبان مفروض فيهم أنهم ينامون في الساعة الأولى من الليل بل يسهرون طويلاً في صلواتهم [ الباب 37 قانون الصلاة للأساقفة والكهنة ] .

لقد نجح داود النبي في أمر الصلاة نجاحاً كبيراً .. كان ملكاً وكان قائداً للجيش وكان قاضياً للشعب ، وكانت له أسرة كبيرة .. وعلى الرغم من ذلك كان يقول : محبوب هو أسمك يأرب فهو طول النهار تلاوتي .

وكان يسبح الله ( عشية وباكر ووقت الظهر ) .وعندما يمضى إلى النوم يقول ( كنت أذكرك على فراشي وفى أوقات الأسحار ، كنت أرتل لك ) .

وقبل الأسحار كان يصلى ( سبقت عيناى وقت السحر لأتلو في جميع أقوالك ) .

وفى نصف الليل أيضاً يقول ( فى نصف الليل نهضت لأشكرك على أحكام عدلك ) .وفى النهار يقول ( سبع مرات فى النهار سبحتك ) .


سؤال : أين كان الوقت لداود ليثبت فى كل هذا ؟

والإجابة : أن من يكون له الوقت يكون له القلب أيضاً ، من يشغل قلبه بمحبة لله لاشك أنه سيجد وقتاً للرب ، سيعرف كيف ينظم أوقاته فى سبيل أن يدخر وقتاً من أوقاته من أجل صلته المباشرة بالرب ، وبالإضافة إلى هذا يخلط أعماله الأخرى بعنصر الصلاة فتتخللها الصلاة وتعطيها حياة وقوة وروحانية.

المهم ياأحبائى ألا نقول(كم صليت ) بل كيف صليت . كيف صليت ؟ وليس كم ساعة كنت أصليها في اليوم ؟ ربما وقفت طويلاً للصلاة لكن عقلي كان يتوه في العالم أثناء الصلاة وكان ينبغي أن ( أصلى بالروح وأصلى بالذهن أيضاً 1 كو 14 : 15 )

ليتنا نكون للرب ومعه دائماً مرددين الأنشودة الحلوة ( أنا لحبيبي وحبيبيي لي )

والرسل- تلاميذ الرب – قادة الكنيسة الأولى جعلوا للصلاة المقام الأول في حياتهم .

فحين أرادوا أن يختاروا تلميذاً عوضاً عن يهوذا الخائن صلوا فوقعت القرعة على متياس ( أع 1 : 24 : 26 ) .

وبعد حلول الروح القدس عليهم في يوم الخمسين يصفهم كاتب سفر الأعمال بأنهم كانوا مواظبين على الصلوات ( أع 2 : 42 ) .

وبعد حادث شفاء الأعرج من بطن أمه وتهديد رؤساء الكهنة لهم اجتمعوا جميعاً ( ورفعوا بنفس واحدة صوتاً إلى الله ... ولما صلوا تزعزع المكان أع 4 ) .

وعندما كثرت عليهم المسئوليات وفكروا في إقامة سبعة شمامسة قالوا ( .... أما نحن فنواظب على الصلاة وخدمة الكلمة أع 6 ).

وحينما قبض هيرودس على القديس بطرس وألقاه في السجن جاء ( .... وأما الكنيسة فكانت تصير منها صلاة بلجاجة أع 12 )

ولما أنقذ بطرس بواسطة ملاك وقصد بيت مريم أم مرقص كان هناك ( كثيرون مجتمعين وهم يصلون أع 12 ).